الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

ماهو ذنب الطفولة؟؟


ما ذنبُ الطفولة؟
«بحرب الكبار شو ذنب الطفولة»؟ هكذا سمعتني أُدندن أغنية «فيروز» بعدما افترقتُ عن ذلك الطفل الذي نبت في طريق المشوار الصباحي المعتاد.
كان يقف على الرصيف، وقد ردّ فوق ظهره حقيبة صغيرة تتلاءم مع قدّه وعمره.
وهو ابن تسع سنوات. وقد هجّرته الحرب من دياره، فحملته العائلة ورحلت إلى أقرب بلد في الجوار. وهذا ما يحدث في الوعي أو في اللاوعي. وأوّل ما يخطر في بال الأهل، لدى اندلاع القتال في أوطانهم، هو إنقاذ الصغار. وأعدادُهم في ديارنا، تتزايد كلّ يوم، والكبار ماضون في حروبهم.
وماذا يفعل هذا الطفل فوق رصيف الغربة؟
دفعني فُضولي إلى سؤاله، فردّ باختصار: ذاهب إلى المدرسة. وقد طالعتنا أخبارُ الصحف في الآونة الأخيرة، بأن عدد الطلبة المهجّرين يُقارب عشرة آلاف. وقد تسجّلوا في المعاهد الرسمية ليتابعوا برنامج دروسهم المعتاد.
وقد أبصرتُهم جميعاً في وجه ذلك الصغير، وفي القلق الطافر من عينيه وهما تتجوّلان في المكان الغريب، وفي النظرات الحائرة وهي تبحث عن أيّ شكل مألوف؛ عن صوت أو صدى تعرفُه.
ولكنها عبثاً تبحث. أما الوجوه التي تُحيط بطفل الشارع، فهي وجوهٌ غريبة، تعبر به ولا تلتفت إليه، لأن عابري شوارع المدينة غير من عرف وألف في قريته أو حارته، حيث تكون الخطى بطيئة، وفي العينين بعضُ حنان.
ذات يوم، كتبتُ في هذه الصفحة كلمة كان عنوانها: «لو حكمت الأمهات». وهذا ما يتردّد الآن في الوعي أو اللاوعي، ولدى كل لقاء مع الطفولة المهمَلة. فلو حكمت الأمهات، أوَ كان بوسعهنّ تغيير المعادلة، وتبديل الأحوال، فتُلغى وسائل القتل والدمار، ويُعوّض منها بعواطف الأمهات، ودفق الرحمة والمحبّة من قلوبهن؟
ثم أعود من سرحة الخيال إلى الواقع، وأتأمّلُ في تاريخ الإنسان فوق سطح الكرة الأرضية، فيتبيّن لي أنه كان دائماً تاريخ صراع وقتال، وتكون الغلبة فيه دائماً للأقوياء، والهزيمة والسقوط للضعفاء.
ثم تتردّد من جديد أصداء الأغنية الفيروزية، وينتصب السؤال:
ـ ولكن، في حروب الكبار ما ذنبُ الطفولة؟